العلامة الحسين بن احمد السراجي : الاحتفالات بيوم القدس العالمي مثلت صدمة للصهاينة ومراكز أبحاثهم وراسمي سياساتهم
حاوره : محسن علي الجمال
القدس.. وسلامتها كمقدس اسلامي ستظل سنام الاهتمام العالم الاسلامي.. وستبقى هي معيار التزام الامة الاسلامية في نضالها المستميت ضد الصهاينة والمتحالفين معهم من الاعراب ومن الانظمة العربية الانبطاحية التي مالات لعدو الصهيوني..
وحول القدس ومحاولات تهويدها وحول الاعراب الذين باعو القدس وظلوا يتباكون كان لنا هذا الحوار مع العلامة الحسين بن أحمد السراجي الذي وضع النقاط على الحروف في هذا الحوار الضافي..
< بداية ماذا يعني الاحتفال بيوم القدس العالمي من جانب تاريخي.. ومن جانب إنساني.. ومن جانب إسلامي؟
<< إحياء يوم القدس العالمي من جانب تاريخي يعود بنا لنكبة العام 48م التي سُلمت فيها فلسطين ولانتكاسة 1967م التي فقدت الأمة فيها القدس كعاصمة دينية لما يزيد عن مليار مسلم في العالم.. ومن الجانب الإنساني يعني الإخاء والتكافل والتعاطف مع مظلومية شعب يُباد ويُسجن ويُهجّر ويُشرد تحت سمع العالم الزائف وبصره ومنظماته الهلامية التابعة للصهيونية والتي ما أنشئت إلا للتغطية على الجرائم الصهيونية الاستكبارية في العالم وكي تكون مظلة يستظل بها الاستكبار كما حدث مؤخراً من قبل الأمم المتحدة فيما يخص براءة الجاني المعتدي من دماء وأشلاء أطفال اليمن.. ومن الجانب الإسلامي يعني الواجب الديني والأخلاقي فـ(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) و(المسلم للمسلم كالبنيان أو كالبنان يشد بعضه بعضاً)، إنه أقل القليل في زمن الذلة والخنوع والانبطاح التي تعيشها الأنظمة العربية وتحاول جاهدة بكل إمكانياتها المادية والسياسية, ترغيباً وترهيباً تهجين ما تبقّى من وعي الأمة لصالح الاستكبار العالمي، يعتبر يوم القدس العالمي المناسبة الكبرى للتعبئة العامة وخلق الوعي الإسلامي لدى الجماهير العربية لعدم نسيان قضيتهم الأساسية قضية فلسطين, ومن أجل ذلك وفي سبيله جُعلت الجمعة الأخيرة من رمضان لهذه القضية فسُمِّيت (يوم القدس العالمي)، إن يوم القدس العالمي هو تذكير عموم المسلمين بقضيتهم الكبرى, بمظلومية الشعب الذي يُباد ويُشرد من عام 48م, تذكير بالقدس التي تُهَوَّد ويُهدَّد أقصاها.. يوم القدس.. ليس يوماً للشيعة ولا خاصاً بهم كما يُروِّج مرضى القيم والأخلاق والمروءات ففلسطين سنية المذهب وأبناء القدس سنة لكن الشيعة لا يحسبونها حسبة مذهبية ففلسطين عربية بعربها ومسيحييها, سنتها وشيعتها.. يوم القدس.. يومٌ يلتحم فيه جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وتوجهاتهم في مسيرات كبيرة تندد بالعدو الغاصب, العدو الصهيوني وبالشيطان الأكبر المتمثل في أمريكا والغرب الذين يدعمون الصهاينة ويوفرون لفرعنتهم وصلفهم الغطاء والشرعية والحماية من أي تهديد أو مساءلة..
< العرب والمسلمون اليوم أهملوا النضال الفعال لنصرة المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية كقضية محورية تهم الأمة.. برأيكم ما السبب في هذا ولماذا غابت هذه القضية؟
<< ما حدث لفلسطين لم يكن شيئاً عادياً ولا حالة عابرة فما حدث لفلسطين تمّ بتواطئ عربي وإسلامي غالباً !! وهل تبتغي من المتآمر النطق ومن المتواطئ الموقف؟! كلا.. إلا في حالتنا فالأنظمة المتواطئة المتآمرة الخانعة تنطق وتتكلم!! وهنا طبعاً الكلام وليس الفعل فهم أعجز وأحقر وما أشبههم طوال سبعة عقود كالقاتل الذي يمشي في جنازة المقتول يبكي وينوح !! بلا حياء وبلا قيم وبلا أخلاق!! هذه الأنظمة فقدت كل شيء أخلاقي فهي لا تمتلك سوى النوح للتبرير فقط, ثم إنه ومن فترة لأخرى بدأ حتى النوح يتضاءل والتركيز على القضية الفلسطينية يخفت كجزء من استراتيجية الإنبطاح!! فيما مضى كانت أخبار فلسطين تتصدر الأخبار العربية ثم بدأت تتلاشى.. وفيما مضى كان يقال الأراضي المحتلة وكانت الخرائط كذلك والمناهج الدراسية وآيات الجهاد والآن تغيّر كل ذلك!! حتى الكيان الصهيوني والعدو الصهيوني لم نعد نسمعها سوى من وسائل إعلام الممانعة والمقاومة!! نحن نعيش ومن خلال العدوان على اليمن الفصول الأخيرة من حلقة التآمر التي تكشفت للأعمى إلا من أعمى الشقاء بصره . لقد وصلنا لمبادرة الإستسلام العربية التي عرضت التطبيع مقابل جزء تافه وحقير من الأراضي وما يزال طرحها ومراضاة العدو بها باستمرار لم يلتفت لها الكيان الصهيوني لنصل للتطبيع الفعلي بدون مبادرات بل بانبطاح وتوافق وكأن الجميع (الكيان الصهيوني والأنظمة الخانعة في بوتقة واحدة)!!..
< لعلكم رصدتم ردود أفعال الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل ومراكز أبحاثه السياسية والاستراتيجية إزاء إحياء فعاليات يوم القدس العالمي.. وماذا يقولون عنه؟
<< برغم رمزية المناسبة إلا أنها تشكل صدمة للكيان الصهيوني ومراكز أبحاثه وراسمي سياساته وبروتوكولاته، فيما مضى كان الحج يشكل عامل قلق للصهيونية العالمية حتى تمّ إفراغ الحج من أهدافه ورسالته بشكل ممنهج واستراتيجية في منتهى الخبث والدقة!! وفيما مضى كانت صلاة الجمعة تشكل هاجساً مقلقاً للصهيونية والإستكبار حتى تمّ إفراغ الجمعة من محتواها التعبوي من خلال التهجين!! ثم لم تعد الجمعة ولا الحج يشكلان أي قلق للإستكبار.. وبالمناسبة فالمظاهرات الحقوقية تشكل هاجس قلق خوفاً من تحرير وعي الأمة فكيف بالمظاهرات التعبوية التي تنطلق من ضمير الأمة مُذكّرة بالقدس وبالقضية الفلسطينية؟ هذه كارثة وطامة لاستراتيجية القضاء عليهما.
< إسرائيل نجدها حريصة على طمس المعالم الإسلامية في القدس وتسعى إلى تهويد القدس.. كيف تقرؤون هذه المساعي الخبيثة؟
<< إسرائيل تعمل ما شاءت وتلهو كيفما تريد مادام الأعراب في أحضانها يخطبون ودها ويقدمون التنازلات بُغية الوصول لرضاها وهي ترفض ذلك كجزء من سيناريو التآمر المتفق عليه والمخطط له منذ عقود، طمس المعالم الإسلامية لا يتم في القدس فقط, هذه مؤآمرة كبرى تستهدف المعالم الإسلامية في كل العالم الإسلامي واستهداف المقدسات الدينية الإسلامية أمر خطير يدعو لثورة دينية شاملة.. هنا نتساءل: ما الذي بقي من آثار المقدسات في مكة والمدينة؟! الأمر جد خطير ويدعو ليقظة إسلامية شعبية توقف العبث والتآمر على مقدساتنا بهدف طمس هويتنا الدينية والتأريخية، حين نتحدث عن طمس المعالم الإسلامية في القدس بهدف تهويدها يجب التركيز على جميع المعالم والمقدسات الدينية الإسلامية جميعاً وقيادة حملات توعوية تعبوية شعبية تستنهض الإنسان المسلم ليقوم بدوره وواجبه.
< قبل فترة أعلنت اسرائيل ان القدس عاصمة أبدية لها.. وأيدتها أمريكا وعدد من الدول الغربية.. ما الذي يحضركم من قراءة لهذه الخطوة الخطيرة؟
<< إسرائيل تعلن القدس وأمريكا والغرب يعترفان بها !! المشكلة ليست هنا فالمشكلة تكمن في الأنظمة العربية المعترفة بها بينما لا تعترف بفلسطين كقضية عربية وإسلامية تحتل الصدارة !! حكام العرب يعترفون بإسرائيل قبل أمريكا والغرب ويؤيدون خطواتها التصعيدية في كل شيء أكثر من الغرب . كما يقال : ملكي أكثر من الملك .. هم صهاينة أكثر من الصهاينة , يقولون أكثر مما يُطلب منهم ويفعلون أشياء لم يكن يتوقعها الغرب ويتصرفون فوق خيال وآمال وطموحات الصهاينة !! لا تحدثني عن الغرب وأمريكا والصهيونية العالمية وتآمرهم على القدس والقضية الفلسطينية وأهدافهم ومآربهم ولكن حدثني عن العرب وحكام العرب وخبايا وخفايا أفعالهم وكيف باعوا واسترخصوا وما الثمن الذي استلموه !!
< كيف تفسرون حالياً مساعي أغلب الدول العربية في الخليج للتطبيع العلني مع إسرائيل.. وما الهدف من وراء ذلك؟
<< التطبيع ليس وليد اللحظة, التطبيع والعلاقات والدبلوماسيات منذ عقود لكنها كانت بالخفاء أو تحت الطاولة كما يقولون.. العرب منذ عقود علاقاتهم بإسرائيل تتم بشكل طبيعي ولكنهم ما بين: معترف بها علانية ولديه سفارة وعلاقات وزيارات طبيعية وروتينية . معترف بها بشكل علني ولديه مكاتب تنسيق وعلاقات تجارية وسياحية . معترف بها بشكل خفي ولديه علاقات حميمية خفية وزيارات واتفاقات سرية . معترف بها يمد يديه ويرتمي بغية قبوله ولم يلتفت إليه الصهاينة لأنه لا يمثل ثقلاً ولا ضغطاً وليس منه مصالح . التطبيع يا عزيزي ليس وليد اللحظة فمن فترة لأخرى تتكشف فضائح وخبايا العلاقات والتآمر والتوافق بين الأنظمة العربية والقيادات الصهيونية فوةائق الخارجية الأمريكية وما تنشره وسائل الإعلام الغربية تكشفت الكثير كما أن وثائق ويكليكس أبانت الوجه القبيح لهذه الأنظمة والخيوط الخفية لها . الجديد في هذه العلاقات كشفه العدوان العالمي على اليمن حيث ظهرت دول العدوان العربية وإلى جوارها الكيان الصهيوني في غرفة عمليات مشتركة وتنفيذ لوجستي وعملياتي مباشر . أبان العدوان على اليمن ما كان خفياً أو ما كانت دول الشر العربي تحاول إخفاءه والله عز وجل قد آذن بانكشاف الفضائح وظهور المستور ليظهر العوار الخفي.
< لعبت إسرائيل الدور الأكبر مع الشيطان الأكبر أمريكا دور استهداف وزعزعة الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان وليبيا . برأيكم ما الذي تريده إسرائيل من اليمن ضمن مشاركتها أيضا في إطار تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ؟
<< ربما كان ما يسمى بالربيع العربي عفوياً لكنه تحول إلى أداة بيد الإستخبارات الأجنبية التي تريد نشر الفوضى من خلال استغلال الحدث . جحيم هذه اللعبة القذرة ونتائجها الخبيثة يدفع ثمنه العراقيون والسوريون والليبيون من دمائهم وأرواحهم .. نحن في اليمن أحسن حالاً من غيرنا . في اليمن سقط الرهان وفشل المخطط ولذا ثارت ثائرة الإستخبارات الصهيونية وعملائها وأدواتها فاجتمعوا على هدف واحد هو إفشال الثورة التي نجحت . الكيان الصهيوني كما غيره من الأنظمة الصهيونية العميلة قد آلمهم الفشل الذريع الذي مُنيوا به في اليمن !! ما حدث في اليمن لم يكن متوقعاً لهم ولا على بالهم ولم يدخل حسبتهم وبالتالي توجهوا جميعاً لإجهاض النجاح اليمني والحمدلله باءت محاولاتهم بالفشل رغم العملاء والخونة والمرتزقة والمذابح والمجازر والمحارق والإبادات وأشلاء الأطفال وتدمير البنى التحتية والحصار طوال خمسة عشر شهراً من العهر والعبث المغطّى دولياً . ” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ” , ” أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون “
< كلمة أخيرة تودون قولها بمناسبة يوم القدس العالمي والى ماذا تدعون الشعوب العربية والاسلاميه فيه ؟
<< في يوم القدس .. يجب أن تؤكد الشعوب العربية بأن عدوها الحقيقي يتمثل في أمريكا وإسرائيل وأن الخطر الحقيقي يتمثل في الإرتهان والعمالة اللتين يُظهرهما حكام المسلمين المستسلمين المنبطحين ظاهراً وباطناً . إن يوم القدس يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا هي وراء كل ما يلحق بالمسلمين من إهانة وإذلال وخلف كل المؤامرات التي تُحاك ضد الإسلام وتستهدف المسلمين . إنه يوم يقظة الشعوب المُخدَّرة المضطهدة لتستيقظ من سباتها وتنتبه من غفلتها وتستشعر الخطر المحدق بها , لتعد العدة كما أمرها ربها ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ” فالعلم عدَّة والتسلح عدة والتوعية عدة والشجاعة عدة والتهيئة عدة والتعبئة عدة والاستنفار عدة والبراءة عدة . يوم القدس هو يوم نهضة الشعوب وانتفاضتها من أجل كرامتها المهدورة فمن كان مؤمناً بعدالة القضية مستشعراً للخطر الداهم متألماً لحال الأمة وما يحدث لها فليشارك في هذه المسيرات وفاءً لفلسطين ووفاء للقدس ووفاء للعروبة المغدورة . ليكن يوم الجمعة القادم – آخر جمعة من رمضان – يوم الغضب من أجل الله ومن أجل المقدسات ومن أجل لا إله إلا الله . بارك الله جهودكم وتقبل عملكم .