بين أيامنا ويومهم الذي يوعدون / بقلم : د . إبتسام المتوكل
2٬751
مر خمسمائة يوم من عدوان طافح بالوحشية والتوغل في القتل على يمن شامخ أبي متحد لكل العواصف ولو مر خمسمائة عام لما كان العدوان إلا كما تبين همجيا مفلسا ولما كان اليمن الا كما تجلى شجاعا وصبورا.
خمسمائة يوم لم تكن في بال العدو وأذنابه وعملائه ومرتزقته، بل لم تكن في بال العالم المتفرج على قتلنا اليومي منذ أول غارات عاصفة الشؤم.. لكنها كانت في جينات اليمني/ة الذي ما خضع لغاز وما سمح لمحتل أن ينعم على ترابه!
التناقض الهائل الذي تكشف جليا إثر كل جريمة مروعة جعل العدوان يخسر كل أقنعته ويظهر بوجهه القبيح وجه القاتل الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق أطفال اليمن وطفلاته ونسائه ورجاله وشيوخه وشبابه، كما لم يترك دون تدمير -كلي او جزئي- معلما أثريا أو تاريخيا ولا مزارا دينيا أو ضريحا أو مدرسة او جامعة او مشفى أو جسرا أو طريقا، أو مصنعا ومن فائض صواريخه وقنابله مر بجحيمه وحرائقه مرورا غير كريم على الصيادين والأعراس والمعلمين ومساكن المهندسين والمكفوفين والقضاة والمهمشين!
كما أن متلازمة قبح العدوان اكتملت بالحصار الخانق الذي استهدف شعبا بكامله قاصدا من وراء ذلك إذلاله أو أن يفر نحو مخيمات لجوء رتبها العدو ليستقبل ضحاياه متصنعا المساعدة غير أن شعبا يرى الموت بعزة خير من حياة الذل التي يفرضها العدو أفشل كل مخططات العدوان وأربك كل حساباته التي بنيت على شقين الأول جهل مطبق بالشعب اليمني وبالجغرافيا اليمينة وبالتاريخ اليمني أيضا! والثاني اعتماد مطلق على الحسابات المادية من حرب اقتصادية وأسلحة ذكية من أحدث ما أنتجته مصانع الغرب ودعم لوجستي أمريكي وتعاون صهيوني .
هذه الأيام الخمسمائة كانت جديرة أن تري الأعمى فضلا عن كل ذي عينين حقيقة هذه العاصفة التي ادعت أن همها الأكبر هو حماية اليمن وخلاص اليمنيين، وبدا أن حماية اليمن في فهم السعودية وتحالفها هو من اليمنيين الذين رفضوا وصايتها وانتفضوا على صلفها، وأن خلاص اليمنيين لن يكون لدى هذه العاصفة إلا من اليمنيين الذين لم يحضروا مؤتمر الرياض !
قالت السعودية إنها تكسر ذراع إيران في اليمن وأنها تحارب المد الفارسي حماية لنفسها وليس إكراما لصلعة عبدربه ولم نشاهد إيرانيا واحدا بين ضحاياها من المدنيين اليمنيين لكننا شاهدنا البلاك ووتر وداين جروب والسنغاليين والجنجويد وداعش وكل شذاذ الآفاق الذين امتهنوا التراب اليمني ولم يحموا الحدود السعودية !
ادعت السعودية أنها تدافع عن الشرعية ضد مجموعة قليلة من الانقلابيين وأن الأطفال الذين قتلت والصيادين وكل الأسر التي طالها العدوان هي لقياديين من الانقلابيين ثم لم ينته القتل وباستمرار الجرائم التي وصلت إلى كل بيت يمني تبين أن أكثر من خمس وعشرين مليون انقلابي هم الذين تستهدفهم غارات العدوان وان الشرعية لا تتجاوز بضعة مئات من نزلاء فنادق الرياض!
وكما سقطت مبررات السعودية وبدت أوهى من بيت العنكبوت سقطت الجهات العربية والدولية التي كان يعول عليها أن تمنع هذا العدوان وان تنتصر لقيم الحياة والإخاء والحقوق والجوار والإنسانية؛ هكذا سقطت جامعة الدول العربية واجتماعات القمة العربية والمؤتمرات الإسلامية سقطت في وحل النفط ولم تعد رائحته لتخفى عن كل ما قررته في شأن العدوان السعودي على اليمن.
وسقطت منظمة الأمم المتحدة وجل المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني والحقوقي، والمقلق في هذا السقوط أن بان كي مون لم يعد يقلق!
هكذا تحولت نزهة ناطق العدوان التي لم تكن في أول تصريحاته تصل إلى الخمسة أيام إلى خمسمائة يوم من جحيم فتحته سواعد رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية وتحولت تصريحات ماكينة اعلام العدوان عن دخول صنعاء إلى حديث عن هجوم يمني على الحدود مع السعودية وبداية تسريب لضحاياها العسكريين.
تحولت رهانات السعودية على عدم التقاء انصار الله مع المؤتمر وهي رهانات مبنية على جهلها باليمن وجهلها بأن اليمنيين يعرفون ما هي السعودية؟ ومن هم السعوديون؟ تحولت إلى غيظ وهياج نقل صورة منه اعلامها جين تعاطى مع اتفاق صنعاء التاريخي الذي أراه أقوى باليستي سدده اليمنيون في خاصرة عدوهم منذ بدأ الرد على العدوان!
واليوم وبعد خمسمائة يوم يعقد الإعلاميون اليمنيون الذين أشهروا اتحادهم في وجه العدوان مؤتمرهم الأول تحت شعار (صوت واحد ضد العدوان والاحتلال) ليسطروا على صعيد الجبهة الداخلية وتماسكها الذي توجه اتفاق صنعاء التاريخي اتفاق الجبهة الإعلامية التي ليست الا احد وجهي العملة ووجهها الثاني هو الجبهة الثقافية.
إننا في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان نرى أننا جزء أصيل من هوية الجبهة الإعلامية ورسولها الأمين لإيصال رسالتها على كافة المستويات .
الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان بدأت عملها في الأيام الأولى للعدوان ولو لم تكن المسيرة وقناة اليمن اليوم وقناة اليمن من اليمن لما وصل صوت الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان فأسكت الكثير من الأقلام التي تدعي الثقافة وتمارس العمالة والخيانة بتأييد العدوان أو تبريره أو السكوت عن جرائمه بدعوى الحياد .
من هذا المنطلق يحق لنا أن نزهو بما انجزه الاعلام الوطني طيلة العدوان رغم كل ما طاله على يد هذا العدوان الذي أراد إسكات صوته نهائيا غير أن المقاتلين الأشاوس من إعلاميي وإعلاميات الوطن هزموا العدو وجابهوا أساطيله الكاذبه بصدق وشجاعة بلغت حد الاستشهاد في سبيل إيصال صوت الضحايا وصورة المعارك وهنا لابد من وقفة إجلال نخص بها الاعلام الحربي دون أن نبلغ وصف ما أنجزه أبطاله وإلى أي حدد بددوا أباطيل العدو وهزموا قنواته .
ومازال النفس اليمني على كافة جبهات المواجهة والتحدي في أوله في حين أن العدوان وإعلامه وعملاءه لم يعد لديهم ما يقال ولا ما يفعل لم يعد إلا أن يمعنوا في التهاوي إلى قعر الهزيمة وإلى الدرك الأسفل من الانحطاط .