في حضرة السيد الشهيد : لماذا لا ننصف هذا الرجل كما ننصف انفسنا ؟
يمني برس – أقلام حره
بقلم / علي جاحز
أصبح الآن لزاما علينا أن نبحث عن الحقائق التاريخية و نقدمها للناس بأمانة بدلا من التفتيش في ارشيف المكايدات التي لم تثمر سوى هذا الواقع المأزوم المليء بالإشكالات و التناقضات و التعقيدات ..
و لعل استجرار الترهات و الأكاذيب و التهم التي كان النظام يسوقها ضد السيد حسين بدر الدين الحوثي رحمة الله عليه ليبرر بها حربه التي اشعلها و ظل يشعلها حتى انهك الدولة و الشعب و الوطن ، ليس مجديا لأنه لو كان مجديا كان استفاد منه النظام خلال سنوات الحرب .
إن أصحاب المواقف و التوجهات الوطنية معنيون اليوم بأن يحاكموا التاريخ بعدالة و انصاف ، بعيدا عن الحسابات الفئوية و الحزبية الضيقة ، و أن يتعاطوا مع الخطايا الماضية التي لا تزال تلقي بتبعاتها على واقعنا حتى اليوم بمصداقية و امانة حتى و ان كانت المصداقية تعزز موقف خصم او تبرئ خصر أو تنتصر لمظلومية خصم أو تؤدي الى زيادة الرصيد الشعبي و الجماهيري لخصم.
لماذا نصر على أن نبقى أسرى خطاب الماضي و ثقافة الماضي العمياء ، لماذا لا نعترف لأنفسنا بأن السيد حسين بدر الدين الحوثي ظلم و أن مشروعه الفكري انتصر و أن ما قيل بحقه لم يكن سوى ذرائع لقتاله و قتال كل من ينتمون الى نفس التوجه .؟!!
لماذا لا ننصف هذا الرجل الذي ضحى بنفسه لأجل مبدأه و فكرته كما ننصف انفسنا .؟
لماذا لا نقرأ مقالاته و محاضراته و نسمع مواقفه المسجلة و التي كانت كلها تحمل هما وطنيا و قوميا بحتا لنعرف ماهية توجهه و مدى زيف ما كان يقال و لا يزال يقال عنه ؟
لماذا لا نقرأ الرؤى و المواقف الوطنية و المشروع السياسي الذي يطرحه انصار الله اليوم من خلال مؤتمر الحوار الوطني تجاه مختلف القضايا الوطنية لنعرف ماهية المشروع الذي كان يحمله السيد القائد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي و يترجمه انصار الله اليوم على هيئة رؤى و اطروحات سياسية في مؤتمر الحوار ؟
سيقول البعض : هذا ليس مشروعهم .. هم يحملون مشروعا خفيا .. هم يستكينون حتى يتمكنوا .. هم أصحاب نوايا شيطانية خلاف ما يظهرون …. الخ من الهرطقات التي تحاكم النوايا و تفتح بابا ليكون التخرص و التكهن بديلا عن العقل والمنطق ، فإذا لم يكن ما يطرحه انصار الله من رؤى و مواقف معلنة كافيا للإجابة على سؤال طالما طرح تهكما ” ماذا يريد الحوثيون و ماهو مشروعهم ؟” ، فإن من الواضح أن هناك رفض للشراكة و للعيش المشترك و للتنوع يلوح من خلف استمرار التذمر و المكايدة و افتراض اشياء لا اساس لها .
دعونا نحاكم كل طرف من الأطراف الفاعلة داخل المشهد السياسي بما يطرحه من رؤى و افكار لبناء اليمن و حل الاشكالات المطروحة على الطاولة ، مالم فإننا لن نصل الى صيغة مشتركة للعيش سويا في هذا الوطن و سنكون قد فتحنا الباب على مصراعيه لمن يريد ان يصفي خصومه و يقضي على الذي يختلف معه و يبرر لنفسه القتل و القمع ، و بهذا نكون قد عدنا الى نفس الواقع و نفس المأزق .
و مما يثير الريبة و الاستغراب ان يعتبر البعض وجود انصار الله كمكون فاعل داخل الحياة السياسية و الاجتماعية جريمة و خطيئة و ظاهرة سيئة . و يرى ان تعليق لافتة عليها صورة للسيد حسين بدر الدين الحوثي جريمة يستحق امين العاصمة المحاكمة عليها .
كنا نعتقد اننا ثرنا سويا و خرجنا لنرفض هذا المنطق الإقصائي و التمييزي و العنصري ، غير ان ما نشاهده اليوم يجعلنا نشعر و كأن هناك رفض مطلق لوجود فئة من المجتمع ، و ليس هذا وحسب بل اننا نكاد نجد في لهجة البعض و تذمره من كل شيء يتعلق بأنصار الله و بما يطرحونه رغبة في القضاء على هذا المكون و محوه من الوجود كحل وحيد .
إن كل هذه الأفكار و الرؤى و المواقف ليست سوى ترجمة عملية لفكر السيد حسين بدر الدين الحوثي و امتدادا لنضاله التاريخي ضد الاستبداد و العمالة و الارتهان للخارج . و لعل هذا المشروع الذي وضع بذرته ذلك المؤسس العظيم هو ما جعله محل استهداف النظام و من وراءه القوى الاستكبارية و الاستعمارية و هو نفسه المشروع الذي لا يزال يشكل قلقا لكل أركان ذلك النظام المتصارعة و المتفككة حاليا ، و التي تختلف في كل شيء الا في موقفهم تجاه مشروع انصار الله و فكر السيد حسين بدر الدين الحوثي و في التبرير للحرب عليه و على مجتمع بكامله ظل يقاوم تلك الحرب طيلة سنوات خلت بعد رحيله .