المهندسُ حمزة الحوثي: يكشف في حوار ساخن أبرز المستجدات على الساحة اليمنية والدولية “تفاصيل”
يمني برس- متابعات
إعتبَرَ أن العملَ العسكريَّ وارتكابَ المجازر البشعة بحق هذا الشعب استراتيجيةٌ ثابتةٌ للعدوان الأمريكي السعودي منذ يومه الأول.. وأن التصعيدَ الأخيرَ يهدفُ إلى الهروب مما أنجزته الطاولةُ مؤخّراً في ظل رعاية إقْليْمية ودولية مكثفة.. حيثُ أن مشكلةَ طاولة المفاوضات ليست في كيفية الحل، وإنما في عدمِ توفر الإرادة والمصداقية والجدية لدى قوى العدوان.
أما منعُ سفن الدواء والغذاء من الوصول إلى ميناء الحديدة فهو يمثّلُ جريمةً إنْسَانيةً كبرى بحق الإنْسَانية والبشرية جمعاءَ؛ باعتبارها تهدفُ مع سبق الإصرار والترصُّد إلى محاولة ارتكاب جريمة إعدام جماعي بحق شعب..
وسائلُ إعلام العدو تتحرّك لتضليل المجتمع والتشويش عليه وقلب الحقائق، وتعمل على حرف الأنظار عن أولوية مواجهته، تصنع الأكاذيب والأباطيل وتثير الضجيج..
كل هذا تحدَّثَ عنه المهندس/ حمزة الحوثي عضو الوفد الوطني المفاوض – عضو المجلس السياسي لأنصار الله، في لقاء مع دائرة الثقافة القرآنية بمناسبةِ تدشينها، رأت “صدى المسيرة” إعادة نشره للأهمية:
قمتم بزياراتٍ رسمية في جولتكم الأخيرة لعدد من دول العالم، ما هي أهدافُ تلك الزيارات؟، وهل كان لها أثرٌ في الواقع؟؟؟
لقد كانت تلك الزياراتُ في إطار التواصل الدبلوماسي المستمر وتعزيز أواصر العلاقة القائمة بيننا وبين مختلف أطراف المجتمع الدولي والإقْليْمي، وكانت بالدرجة الرئيسية في إطار تحَـّركنا الدبلوماسي النشط خَاصَّـةً مع الأطراف الدولية الفاعلة تجاه ما يتعرض له يمننا الحبيب من عدوان غاشم وغير مبرَّر وحصار شامل وجائر من قِبَلِ نظام آل سعود وحُلَفائه، بدعم وغطاء ومشارَكة أمريكية وإسرائيلية؛ وذلك بهدف الدفع بكل السبل الممكنة نحو تجريمه وإيقافه فوراً باعتباره عدواناً غيرَ مبرر وينتهك سيادة بلد وشعب ويخالف كُلّ الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية والأُمَمية والإنْسَانية، بالإضافة إلى مناقشة المسار التفاوضي وما وصلت إليه العملية التفاوضية التي تتعرض لإعاقات مستمرة من قبل قوى العدوان التي لا تتوفر لديها الإرادة والجدية في الحل رغم التعاطي الإيجابي الكبير والمرن من قبل الوفد الوطني مع الجهود التي بُذِلَت في هذا الخصوص على كافة المستويات باطّلاع وإقرار أطراف المجتمع الدولي، كما أنها أَيْـضاً ناقشت العديدَ من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وجرى التفاهم حول معظمها، ويمكنك القول إن تلك الزيارات كانت ناجحةً وكان لها أثر إيجابي، كما أنها تسببت في انزعاج قوى العدوان بشكل كبير خَاصَّـة أنها شملت دولتين دائمتَي العضوية في مجلس الأمن.
كيف تقرؤون التصعيدَ العسكريَّ لقوى العدوان في جميع الجبهات وخُصُـوْصاً جبهة باب المندب؟؟
أولاً من المهم أن نستوعبَ أن العملَ العسكري للعدوان مستمر منذ يومه الأول وبوتيرة عالية، ويعمد بين الفينة والأخرى إلى تكثيف وتصعيد عملياته في بعض الجبهات كاستراتيجية ثابتة لديه منذ البداية، حيث يسعى إلى الاستفادة من الوقت بأكبر قدر ممكن، في محاولةٍ بائسةٍ منه لتعزيزِ وضعه العسكري على الأرض، ومحاولة الضغط لفرض أجنداته على الطاولة المتمثلة في الاستسلام لا السلام، ويتحَـّرك بَعيداً عن أيَّة نوايا أَوْ توجُّه للسلام والحل، ومن جانب فإن مما هدف إليه من تصعيده هذه المرة هو الهروبُ مما كان قد أنجزته الطاولة مؤخّراً في ظل رعاية إقْليْمية ودولية مكثفة، كما أن تصعيدَ العدو ومعركته التي يخوضها اليوم في باب المندب والساحل الغربي معركة أمريكية و”إسرائيلية” بامتياز وتحظى باهتمام كبير وإشراف مباشر من قبلهما بصورة معلنة وواضحة وصارت أكثر وضوحاً بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض، ويتم التحضيرُ لها منذ فترة طويلة وكانوا يتوقّعون لحجم الإعداد والتحضير الكبير الذي تم لها أن تكون سهلة وخاطفة وأن لا تتجاوز بضعة أيام إلا أنهم خابوا وخسروا وفوجئوا بثبات أسطوري لا نظير له، وها هي العملية تتعثَّرُ أمامَ ضربات المجاهدين من أبناء الجيش واللجان الشعبية بعد شهر تقريباً منذ بدئها، فالعدوانُ على اليمن ككل أتى في حقيقته بدفع ودعم وتخطيط ومشارَكة أمريكية وإسرائيلية ويمثل امتداداً للمشروع الأمريكي التدميري الذي يستهدفُ المنطقةَ بكلها واحتلال باب المندب يمثل أحد أهدافه المهمة والرئيسية، وعلى كُلٍّ يمكنك القول إن هذه العملية ستفشل كما هي سابقاتها ولن يتحقق لهم ما أرادوه مهما كان، ولن يمكنَهم من فرض الاستسلام وأجنداته على الطاولة، وسيجدون في الأخير أن رهانَهم على كسر إرادة الشعب اليمني واستعباده وتمزيقه كان رهاناً خاسراً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
كيف تنظرون إلى ممارسات العدوان وسعيه لمنع سفن الدواء والغذاء للوصول إلى ميناء الحديدة خُصُـوْصاً أنه المنفذ الوحيد المتبقي للشعب اليمني؟؟
بالتأكيد أن هذه المساعي من قِبَلِ قوى العدوان تمثّلُ جريمةً إنْسَانية كبرى بحق الإنْسَانية والبشرية جمعاء؛ باعتبارها تهدفُ مع سبق الإصرار والترصد إلى محاولة ارتكاب جريمة إعدام جماعي بحق شعبٍ بأكمله وإلحاق الضرر بعشرات الملايين من الناس معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى والمدنيين، ومجرد التلويح بمثل هذا الإجراء – الذي تعتبر خلفيته ومدلولُه وآثارُه وكل شيء متعلق به إنْسَانيةً بحتةً – ناهيك عن ممارسته – يمثل جريمة إنْسَانية كبرى بحد ذاتها وانتهاكاً خطيراً للأعراف والقوانين والمواثيق الدولية والأُمَمية، ويمثل فضيحة وعاراً لا مثيلَ له على الإطلاق بحق الإنْسَانية والبشرية وكل دول العالم بلا استثناء بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وكذا المنظمات والمؤسسات الدولية والأُمَمية وكافة الشعوب، وأشير هنا إلى أن العدوان الأمريكي السعودي يمارس أصلاً هذا الجُرم على مدى عامين متتالين حيث يمارس حصاراً شاملاً وخانقاً على الشعب اليمني ويفرض حظراً جوياً وبرياً وبحرياً شاملاً حتى ميناء الحديدة الذي تعتبره المنظمات الدولية في ظل هذا الحصار المطبق المنفذَ الوحيدَ للشعب اليمني لوصول المساعدات الإنْسَانية والمواد الأساسية من الغذاء والدواء والطاقة، فإنه يتعرَّضُ لإجراءات تفتيش غاية في التعقيد طوال المرحلة الماضية ويتعرض للكثير من المضايقات والتعسفات ويتم استهدافُه بالقصف الجوي بين الفينة والأخرى، ومثل هذه الممارسات إنما تعبر عن حالة الإفلاس التي وصل إليها العدو ولن تُفضيَ إلى تحقيق أية نتيجة، وخيرُ شاهد على ذلك فشل العدوان والحصار من النيل من عزيمة وقوة وصمود وثبات الشعب اليمني على مدى عامين متتالين وبدلاً عن ذلك تمكّن الشعب اليمني بتوفيق الله وعونه خلالهما من مضاعفة إمكانياته وقدراته ومعنوياته وأساليبه في المواجهة على كُلّ المستويات، ومع الصبر والوعي والحركة والعمل الدؤوب فإن هذه المحاولات لن تستطيعَ بأي حال أن تعزلَ الشعب عن بقية العالم مهما فعلوا ومهما عملوا، وهنا نستذكر الكثير من نماذج الشعوب الحرة في هذا العالم التي مورست بحقها مثل هذه الأفعال وفشلت فشلاً ذريعاً، والعديد من الشعوب الآسيوية وشعوب أمريكا اللاتينية ما تزال شاهداً حياً على ذلك حتى اليوم.
هل وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود؟؟ وكيف ذلك؟؟
الطاولةُ خاضت نقاشاتٍ شاملةً وعميقةً ومضنية، وتمكنت من بلورة الكثير من الأفكار، ومؤخّراً قدمت الأُمَمُ المتحدة مقترح خارطة طريق لحل شامل كمشروع للنقاش، وقد بُذلت الكثير من الجهود وقُدمت العديد من المخارج، كما قدم الوفد الوطني الكثير من التسهيلات والمرونة اللازمة أداء ومضموناً في سبيل المساعدة والدفع باتجاه الحل، ولكن انكشف في الأخير ووصل المجتمع الدولي إلى قناعة راسخة بأن مشكلة الطاولة اليوم لا تكمن في كيفية الحل أَوْ في مضامينه وإنما في عدم توفر الإرادة والمصداقية والجدية لدى قوى العدوان.
لماذا يركّز العدو على وسائل الإعلام؟؟ وما هو المطلوب اليوم فيما يخُصُّ هذا الموضوع؟؟
بشكل عام العدو يهتم كَثيراً بوسائل الإعلام؛ كون المعركة اليوم معركةَ وعي بامتياز، ووسائل الإعلام تعتبر من أهم نوافذ التأثير والتحكم بوعي الإنْسَان، لذا سنجد أن العدو اليوم يعتمدُ بصورة كبيرة على وسائل الإعلام ويعمَلُ على الاستفادة القصوى منها بصورة مهدّفة ومخطّطة ومركزة للتحكم بوعي المجتمع والتأثير فيه على كُلّ المستويات ثقافيا وأخلاقيا وفكريا وسياسيا و… بما يسهل عليه تطويعه لمشاريعه وأجنداته الاستعمارية والشيطانية، فالعدوان على بلدنا اليوم يسعى من خلال وسائل الإعلام بكل جُهد ويتحَـّرك حركة دؤوبة وحريصة ودقيقة لتضليل المجتمع، والتشويش عليه، وقلب الحقائق لديه، وتقديم نفسه في صورة المنقذ والمخلص، وإفقاد الناس الثقةَ بقداسة المواجهة لهذا العدوان الظالم والغاشم واللامبرَّر، والتشكيك في خطورته وخلفياته وأهدافه الخبيثة والبالغة السوء، ويعمل جاهدا إلى حرف الأنظار عنه وعن أولوية مواجهته باعتبارها اليوم أُمَّ الأولويات على الإطلاق، ومحاولة إلهائه بقضايا ثانوية وهامشية، حيث يعمَلُ على افتعال المشاكل الداخلية ولفت الأنظار نحو مواضيع ثانوية وصنع أكاذيب وأباطيل وإثارة الضجيج حولها وتسليط الضوء عليها وتضخيمها بأكبر قدر ممكن، وكلما تقدم خطوة في خلخلة وعي المجتمع وتضليله وإلهائه تقدم مقابلها عشر خطوات على الأرض، لذلك فإن الجبهة الإعلامية تتحمل اليوم مسؤولية كبيرة وغاية في الأهمية في إفشال كُلّ ذلك؛ وبقدر ما إن ميدان معركتها غيرُ حسّي إلا أن نتيجتها وتأثيرها في بقية الجبهات فعّال جداً، خَاصَّـة في الجبهة العسكرية والأمنية والاقتصادية وكذا في الجبهة المجتمعية التي أعتبرها أُمّ الجبهات حيث يرتبط بها جميعُ الجبهات بلا استثناء، وبإيجاز شديد يمكنني القول إن ما هو مطلوب بالدرجة الرئيسية من الجبهة الإعلامية اليوم هو أن تتحَـّرك بكل جهد وبكل الوسائل الممكنة في إطار هدفين عامين: الأول تعزيز وإسناد ورفد مشاريع عمل مواجهة العدوان التي تتحَـّرك على الأرض العسكرية منها والأمنية والاقتصادية والمجتمعية وكذا الحقوقية وغيرها، والهدف الآخر وفي المقابل إضعاف وإفشال مشاريع عمل العدو التي تتحَـّرك على أرض الواقع العسكرية منها والأمنية والاقتصادية والمجتمعية و… إلخ، وفي ظل هذين الهدفين تأتي الكثير من التفاصيل.
هل من رسالةٍ توجّهونها لأبطال الجيش واللجان الشعبية؟؟
أتوجَّهُ إليهم بأسمى وأعظم وأجلّ التحايا والتقدير، مؤكّداً أن حقهم كبيرٌ وفعلهم عظيم، وأن العدو لَيستوعِبُ قَدْرَهم وعظيمَ فعلهم ومستوى وحجم دورهم الكبير أكثر من غيره، ويكفيهم أن اللهَ شرّفهم بشرف الجهاد ووفقهم للقتال في سبيله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان وأفرغ عليهم الصبرَ وأنزل عليهم السكينة وأيّدهم من عنده، ويكفيهم أنهم يقاتلون عدواناً أجنبياً باغياً وظالماً تقوده قوى الشر والطاغوت في هذا العالم وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل وذَنَبُهما في الجزيرة العربية قرنُ الشيطان، ويكفيهم أنهم يقاتلون كمظلومين معتدىً عليهم ومبغي عليهم؛ لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله وتمنوا حياةً كريمة ورفضوا استعباد أمريكا وعملائها وتمكينها من تمزيق اليمن وشرذمته إلى كيانات متناحرة ومتصارعة منزوعة الإرادة والثروة والسلاح، كما يحصل تماما مع بقية الأمة الإسلامية والمنطقة العربية من فلسطين إلى أفغانستان إلى العراق إلى سوريا إلى ليبيا إلى تونس إلى السودان… حيثُ ينهشها الأعداء في كُلّ مكان ويعملون على تمزيقها وتفتيتها وتدمير كياناتها وإخضاعها واستعباد شعوبها واستغلالهم، يكفيهم فخراً وشرفاً وعزاً أنهم اليوم يقفون صداً منيعاً أمام واقع مخيف وبالغ الظلمة والقسوة والشقاء يريدونه لنا من وراء هذا العدوان؛ وقوتهم يستمدونها من اعتمادهم على الله القاهر المهيمن الناصر وثقتهم بوعده ونصره وتأييده، ومن رحم مظلوميتهم وعدالة قضيتهم وظلمة وفجور أعدائهم، ومن قيم الخير والعدل التي يبتغونها ويحملونها مقابل ما هم عليه أعداؤهم من شر وبغي وعدوان، كما يستمدونه من إرثهم الحضاري ورصيد الحرية المكتنز في أعماقهم والذي كان عليه الآباء والأجداد على مدى التأريخ الذي لم يسجل لهم يوماً خضعوا فيه لغازٍ أَوْ محتل، فهم اليوم يقدمون للعالم درساً عملياً في الحرية والفداء والتضحية والصمود والإباء والكرامة والعزة والشرف، مجسّدين كلامَ الله عنهم وحديثَ نبيه فيهم على أرض الواقع في مواجهة العدو إيماناً وحكمة وبأساً شديداً، وأصبح بهم يُضرَبُ المَثَل وإلى سواعدهم يتطلع المستضعفين والمظلومين في هذا البلد، فهم بذلك ودون أدنى شك أهل الحق وقفوا في مواجهة الباطل والطاغوت، فهنيئا لهم أن هيّأهم الله لهذا المقام واصطفاهم لحمل كُلّ تلك المعاني.
وأشير هنا إلى أن الشعب اليمني بكله هو في الحقيقة جيشٌ ولجانٌ شعبية، وهو يتحَـّرك منذ اليوم الأول لهذا العدوان على كُلِّ المستويات في مواجهته بصمود ووعي تحشيداً ورفداً للجبهات ودعماً ومساندةً وصبراً وصموداً وثباتاً ووعياً ولن يتوانى أَوْ يستسلمَ حتى يأذَنَ الله بنصره.
هذه الأَيَّـام نحتفي بالذكرى السنوية للشهيد.. ماذا تعني هذه المناسبة؟؟ وما هو واجبنا تجاه أسر الشهداء؟؟
إن المعاني والدلالات التي تحملها هذه الذكرى السنوية المقدّسة بالغ الأهمية، خَاصَّـة أنها تحلُّ علينا للمرة الثانية على التوالي والبلد يتعرضُ لعدوان ظالم وغاشم من قبل قوى الشر والطغيان سقط في سبيل مواجهته الكثير من الشهداء، فهذه الذكرى تمثّلُ محطة سنوية يستلهم منها المؤمنون وشعبنا اليمني كُلّ معاني التضحية والفداء والعطاء الذي لا يضاهيه عطاءٌ في سبيل الحق والخير وقيم العدل، وبقدر ماه ي تكريم للشهيد واستذكار وتخليد له ولتضحيته وعطائه بقدر ما هي محطة لتجديد العهد مع الله بالسير على نفس الدرب الذي مشوا فيه أولئك العظماء والخالدين، والثبات والوفاء مع نفس تلك الأهداف والغايات المقدسة التي ضحوا من أجلها وجادوا بأَرْوَاحهم ودمائهم رخيصةً في سبيلها استجابة لله والتزاماً بهديه، وترجمة كُلّ ذلك على أرض الواقع عطاء وبذلاً وتضحية وفاء للعهد وتكريماً لتلك الدماء الزكية والطاهرة وتأكيداً بأنها لم ولن تذهب هدَراً، كما تجبُ الاستفادة في هذه الذكرى العظيمة والمقدسة في العناية والاهتمام الكبير من قبل الجميع بأسر الشهداء عطاء وإكراماً وبذلاً ورعاية وفاء لهم وجزاء بسيطاً لعطائهم الذي لا يقدّره ثمن، كما يجب أن نستوعب أن الاهتمام بأسر الشهداء واستلهام كُلّ تلك المعاني يجب أن يظل مستمرا وحاضرا طوال السنة لا أن يقتصر ذلك التفاعل على المناسبة فقط، فالذكرى مجرد محطة للتزود والاندفاع خلال باقي الأَيَّـام.
كلمة أخيرة تودّون قولَها في انطلاقة موقع (دائرة الثقافة القرآنية)؟؟
أُبارِكُ لكم وللدائرة الثقافية وللجميع انطلاقة الموقع، فهي خطوة إلى الأمام، وبإذن الله وبحُسن الإدارة سيكونُ منبراً للحق وبيان هدى الله بأسلوب القرآن وسيُسهِمُ في بناء وعي الأمة، وسيكون نقطةً مضيئةً وسط هذا الكم الهائل من الضجيج الثقافي المضطرب الذي تعاني منه الأمةُ والتي تمتلك الكثير والكثير من المواقع والوسائل التي تتبنى العناوين الإسلامية والثقافية، غير أنها في الحقيقة لا تقدِّمُ هدى الله كما يجب أن يكون، ونجدها تعتمدُ الأساليبَ التقليدية والجافة البعيدة كُلّ البُعد عن واقع الأمة الذي تعيشُه اليوم ولا تقدم لها الحلول العملية للخروج من حالة التِّيه والتسليط، والعمل على ترجمة هُدَى الله وتعاليمه وآياته على أرض الواقع بما يجسد نعمة الهداية في صورتها الحية، وآملُ أن يكونَ هناك ابتكارٌ دائمٌ للبرامج والأنشطة التفاعلية للموقع وتطويرها وتحديثها بصورة مستمرة بما يشُدُّ الزوار ويواكبهم ويسهّلُ عليهم الاستفادة والاستزادة، وبما يواكِبُ المستجدات في واقع الأمة الإسلامية بصورة خَاصَّـة وواقع البشرية بصورة عامة.