جزيرة ميون في قلب الصراع الدولي
يمني برس / متابعات
تعود جزيرة ميون إلى صدارة الأخبار مجددا، فبعد مزاعم أن الجزيرة الواقعة في قلب مضيق باب المندب قد أضحت في حضن (الشرعية ) ، تسربت الأخبار عن ترتيبات لتأجير الجزيرة إلى السعودية، من قبل الفار هادي الذي سبق وأن باع جزيرة سقطرى لدويلة الإمارات.
غير أن (ميون ) التابعة لمديرية ذوباب في غرب اليمن، حركت أطماع أطراف دولية أخرى، وجدت نفسها أحق من تحالف العدوان في استثمارها واستغلال موقعها الاستراتيجي، كمدخل للبحر الأحمر، الأمر الذي استثار حفيظة الصين، التي درجت على الهدوء وهي وتربح أو تخسر مواقع أو امتيازات في منطقة تبدو حكرا على الهيمنة الغربية.
فقد أدانت بكين بلهجة صارمة تفاهمات قيل أن أمريكا ومصر والإمارات بصدد الإعلان عنها، وتفضي إلى إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون. ودان المتحدث باسم الخارجية الصينية الثلاثاء 28-2-2017 ، هذه التفاهمات وقال ” إن استقرار هذه الدول الثلاث على أراضي بلد آخر يتعارض مع القوانين الدولية”.
و بوضوح أكد أن تدشين قاعدة عسكرية بتعاون الولايات المتحدة ومصر والإمارات العربية في هذه الجزيرة الإستراتيجية الدولية لا يعرض أمن المياه الدولية للخطر فحسب بل يتعارض مع مصالح الحكومة الصينية ودول الاتحاد الأوربي أيضا.
وفيما كشفت مصادر إعلامية غربية أن الإمارات قد باشرت بالفعل العمل في القاعدة العسكرية، تشير تسلسل الأحداث التي شهدتها اليمن أن التحالف العربي الذي تشكل تحت يافطة (الشرعية) في اليمن، يعمل على قدم وساق من أجل استنزاف الثروات الطبيعية لليمن، واستغلال مواقعها الإستراتيجية، بتواطؤ عملائه ومرتزقته في الداخل اليمني.
قصة الاستيلاء على الجزيرة بدأت في أكتوبر 2015، حين أعلنت قوات هادي أنها سيطرت على باب المندب، بعد انسحاب الجيش واللجان الشعبية من عدن، ثم تواترت الأنباء أن ميون أصبحت خالية من السكان، رغم المناشدات التي رفعها الأهالي، والإفصاح عن ضغوطات أدت إلى تهجيرهم قسرياً من الجزيرة إلى عدن.
مصادر إعلامية كانت قد نشرت في ديسمبر من العام الماضي، أن قيادات عسكرية موالية للعدوان السعودي الأمريكي، انتقلت قبل أشهر إلى الجزيرة، و طالبت الأهالي بسرعة إخلائها، في إطار مشروع تحويل الجزيرة إلى منطقة عسكرية مغلقة.
المصادر ذاتها كشفت عن طلب سعودي وافق عليه هادي يتضمن “تأجير الجزيرة للسعودية”، وهو ما يتناقض مع المعلومات الأخيرة بشأن التفاهم الثلاثي بين واشنطن والقاهرة وأبوظبي، ولعله يعكس أحد أسباب الصراع السعودي الإماراتي على النفوذ في اليمن، والذي أضحى هادي بينهما كرة قدم يتقاذفونها كيف شاءوا.
وسبق أن تطلعت فرنسا إلى إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون، لكنها سرعان ما حولت وجهتها إلى أبو ظبي بعد أن وجدت ممانعة في صنعاء.
وفي مايو 2009 ، دشن الرئيس الفرنسي ساركوزي القاعدة العسكرية الفرنسية في أبوظبي، وقيل أنها الأولى التي تفتح في الخارج منذ استقلال المستعمرات الفرنسية في أفريقيا.
والمفارقة أن الإمارات التي فتحت بلادها للقواعد العسكرية الأجنبية، وتشتكي أن إيران تحتل ثلاثا من جزرها، قد تورطت في لعبة الصراع باليمن، وجاءت كدولة غزو واحتلال لأهم مدن وجزر اليمن ( عدن،سقطرى، ميون).
ويطرح السؤال نفسه: ما الذي يجعل بكين تخشى إنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة، برغم أنها لم تتخذ موقفا يحول دون إيقاف الحرب وخاصة في السواحل الغربية لليمن؟
لا شك أن تململ الصين راجع إلى الدور الأمريكي الشريك في المخطط، فالقاعدة العسكرية ستكون أمريكية بامتياز، ولن يكون إشراك مصر والإمارات إلا من باب ذر الرماد على العيون.
وتخشى الصين من اندفاع واشنطن في ظل قيادة “ترامب”، الذي أعلن مؤخرا عن زيادة كبيرة في موازنة وزارة الدفاع بنسبة 9% عما كانت عليه في العام المنصرم، وذلك بهدف استعادة الدور القيادي للولايات المتحدة الأمريكية، كما يحلم ترامب. وهو الدور الذي سيكون على حساب مصالح روسيا والصين.
إلا أن التواجد الأمريكي المباشر في باب المندب، سيكون على ضد من المصالح الصينية قبل أي دولة أخرى، ذلك لأن هذا المضيق الاستراتيجي يربط الصين بدول الخليج النفطية وبدول شرق أفريقيا، وبالإتحاد الأوروبي أيضاً.
ولأهمية الموقع ونتيجة للمخاطر التي تتهدد الملاحة الدولية فيها، دشنت الصين العام 2016 قاعدة عسكرية في جيبوتي، وأعلنت نفسها لاعبا جديدا إلى جوار أمريكا وفرنسا، وغادرت بذلك السياسة القديمة المألوفة عن حذر الصين فيما يتعلق بالتنافس العسكري مع الغرب.
تدرك الصين أن التجارة الدولية لن تكون آمنة في عهد “ترامب”، وأن واشنطن، لن تتردد عن محاصرة مصالح بكين في عقر دورها “بحر الصين الجنوبي”، وانها لن تكف عن عرقلة قلب المشاريع المستقبلية للصين “طريق الحرير الدولي”، وهي بإعلان تململها، تتأهب لتصعيد أكبر، في مواجهة العاصفة الأمريكية.