القدس محور الصراع
يمني برس – مقالات – بقلم / فضل عباس جحاف
أن يدعو رئيس وزراء الكيان الصهيوني وزراء حكومته لعقد جلسة خاصة في نفق تحت حائط المبكى أمر له دلالة تاريخية من جهة تحديد موعد عقد الجلسة التي تزامنت مع احتفال إسرائيل بالذكرى الخمسين (( لأعادة توحيد القدس ))واستعادة المدينة القديمة على إثر حرب الأيام الستة عام 1967 م
وله قيمة السياسية كون عقد الجلسة في هذا المكان يهدف إلى الضغط على الرئيس الأمريكي الجديد ترامب للوفاء بوعده المتعلق بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والبدء بالإجراءات الفعلية لنقل السفارة خاصة وان تجميد قانون نقل السفارة الذي أقره الرئيس الأمريكي السابق أوباما ينتهي مفعوله في الأول من حزيران الحالي كما ذكرت صحيفة ((هارتس)) العبرية ووصفت موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ((بأنها تحول لنقطة الخلاف العلنية الأولى بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية بعد أربعة شهور من تسلم الرئيس الأمريكي ترامب لمنصبه وقبل اسبوع من زيارة الرئيس الأمريكي ))ومن جهة ثانية فإن الحكومة الإسرائيلية أرادت توجيه رساله للمجتمع الدولي مفادها بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة ولامجال للتراجع عن إعلانها في 1980 باعتبار القدس عاصمة لها .
ولن تقبل إسرائيل أي مقترحات او مبادرات سياسية لتقسيم القدس إلى قدس شرقية كعاصمة لدولة فلسطين المنتظرة ..وأخرى غربية عاصمة لإسرائيل وان وافق الفلسطنيين والعرب ..وهو ماتضمنه كلام وزير السياحة الإسرائيلي (( بريف لفين)) الذي قال ((انه لايوجد توقيت أفضل مثل الان -50 عام بعد إعادة توحيد القدس لإطلاق هذا المشروع الثوري ))القطار المعلق سيغير وجه القدس …
ويأتي إطلاق هذا المشروع ضمن خطة ممنهجة لإكمال تهويد القدس التي تشهد حملة تهويد مسعود تنفذها سلطات الاحتلال الصهيوني في كافة الجوانب لفرض واقع جديد في المدينة لا مكان فيه لغير اليهود وغير مسموح ممارسة الطقوس والشعائر الدينية في المدينة لغير اليهود .
وفي انتهاك فاضح وسافر لقوانين حريات التعبير والاعتقاد وتنكر لحوار الحضارات وتقارب الأديان أقدمت اللجنة التشريعية في الكنيست الإسرائيلي على المصادقة على مشروع قانون حظر ومنع الأذان بواسطة مكبرات الصوت في مساجد القدس ويعتبر هذا من أخطر قرارات إسرائيل العنصرية
القانون علل حظر الأذان لأنه ((يزعج المواطنيين الاسرائيلين ويسبب أذى بيئيا ويضر بمستوى المعيشة ))
ومن ضمن ذرائع حظر الأذان ((أن سماعات المساجد تستعمل لبث مضامين تحريضية دينية ووطنية)) وعلى ما يبدو ان ماضية في طمس وإزالة معالم القدس ذات الصلة بالإسلام والمسلمين وبوتيرة كبيرة وبذات الوتيرة تواصل تحركها السياسي لتسريع إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس …
وإذا ما تم ذلك فإنه يعد اعترافا نهائيا بإسرائيل كدولة وعاصمتها القدس التي لاداعي لوضعها على طاولة المفاوضات وفقا للمنظور الأمريكي وسيتم التعامل مع هذا التغيير عالميا وليس فقط أمريكيا ..وحينها لن يكون أمام الدول العربية سوى الصمت والخضوع والقبول بالأمر الواقع نزولا عند الرغبة الأمريكية ..
ولسوف تقوم الأنظمة العربية المصنفة بالمعتدلة من قبل إسرائيل بمهة إخماد اي تحركات سواء من الشعوب أو القوى السياسية العربية المناهضة لوجود إسرائيل فضلا عن الاعتراف بالقدس عاصمة لها ..
حيث شرعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في تضيق الخناق على حركات المقاومة الفلسطينة المحسوبة على محور المقاومة والممانعة في إطار انتهاج سياسة جديدة في المنطقة لا مكان فيها ((للإرهاب ))وفق الرؤية الإسرائيلية التي بلورتها مخرجات القمة (( الإسلامية -الامريكية))التي عقدت في الرياض
والتي من شأنها تكريس واقع التحالف الجديد مع إسرائيل وتعزيز الشراكة الاستراتيجية معها في المرحلة الحالية والتي قد تكون ماقبل المرحلة الأخيرة في مشروع الشرق الأوسط الجديد أو بشكل أدق مشروع إسرائيل الكبرى وعلى مسار بناء نظام عالمي جديد تكون إسرائيل القطب الثابت فيه وجوهره حكومة عالمية واحدة تكون عاصمتها ومركزها القدس …التي لم تعد سوى نقطة خلاف في (( النزاع الفلسطيني الإسرائيلي )) بالنسبة للأنظمة العربية العميلة التي لم تقف بجدية ضد إسرائيل ووقفت ضد تحركات الشعوب العربية وسارعت في تطبيع العلاقات مع إسرائيل نتيجة لواقعها البنيوي السياسي المشخصن للحفاظ على عروشهم ومصالحهم الخاصة والبعيدة كل البعد عن المصالح الوطنية والقومية والثوابت والمبادئ الدينية .
ولذلك دعى الإمام الخميني رضوان الله عليه في 2 رمضان 1399هجريه الموافق 15 أغسطس 1979 م المسلمين لإعلان آخر جمعة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس ونقل نص بيان الإمام الخميني السيد الشهيد القائد رضوان الله عليه في ملزمة يوم القدس العالمي والذي قال فيه (( أنني ادعوكافة المسلمين في جميع أرجاء العالم والدول الإسلامية إلى أن يتحدوا من أجل قطع يد هذا الغاصب ومساعديه -يعني إسرائيل – وأدعو جميع المسلمين في العالم ان يعلنوا آخر يوم جمعه من شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أيام ليالي القدر ويمكنه أن يلعب دورا مهما في مصير الشعب الفلسطيني ((يوم القدس العالمي )) وان يعلنوا ضمن مراسم هذا اليوم اتحاد المسلمين بجميع طوائفهم في الدفاع عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم ))
ولم يكن توجه الأمام الخميني رضوان الله عليه تجاة القضية الفلسطنية توجها ظرفيا بل كان توجها استراتيجيا طويل الأمد وجعل من القدس محورا للصراع ضد إسرائيل لضمانة استمراره بين مختلف الأجيال المتعاقبة وعلى أساس المنطلق الديني والخلفية العقائدية التي شكلت أسس المواجهة لتكون الأمة بمستوى المواجهة ضد اليهود ..
وعلينا أن نعي أن الصراع مع اليهود ليس صراعا مرحليا ولا يمكن حصره على جانب من الجوانب أو تأطيرة في إطار قومي أو عرقي بل هو صراع شامل ويتطلب رؤية صحيحة ..كما وضح الشهيد القائد رضوان الله عليه في ملزمة يوم القدس العالمي قائلا (( الإمام الخميني عندما نهض برؤية صحيحة وعرف بأن هذه الأمة أصبحت في صراعها مع اليهود في صراع حضاري ،صراع حضارات لم يعد صراعا عسكريا أصبح صراع أمة صراع حصارة))
بل الصراع مع اليهود مصيريا عميق الأبعاد والدلالات وبعيدا كل البعد عن الحسابات العسكرية والسياسية التقليدية سواء كانت هذة الحسابات مسجد بمعركة تقليدية تنتهي إلى نتائج وسطية أو كانت تتمثل بحلول سياسية تفاوضية كما هو حاصل اليوم في أروقة وطاولات المؤتمرات التفاوضية بين العرب وإسرائيل وفي زواريب القمة (( الإسلامية –الأمريكية ))