خطابٌ تاريـخي …في يـومٍ عالمي
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم/يحيى الشامي
ليس غريباً على اليمنيين ذلك المشهد الرائع الذي أثبتوا من خلاله للعالم أنهم أكثر شعوب المنطقة حضوراً في ميدان الصراع الأزلي مع أعداء الأمة في معركة يمثل الوعي فيها أحد العوامل الحاسمة والفاصلة . وبالرغم من الأوضاع السيئة التي يمر بها اليمن أمنياً واقتصادياً وسياسياً إلا أن مسيرات يوم القدس العالمي التي نظمها اليمنيون في معظم المحافظات أثبتت للعالم أن الرهان على إغراق المجتمعات في دوامة المؤامرات المنهكة للشعوب والمستنزفة لمقدراتها لا يمكنه أن يُبعد الشعوب عن قضايا مصيرية لا سيما إن كانت ترتبط بوجودها ومقدساتها .
ففي الوقت الذي انخرط كثيرون من أبناء الأمة في أتون صراعات داخلية أريد منها استنزاف مقدرات الأمة وإلهائها الصراع مع عدوها الأول الصهيوني ، جاء يوم القدس هذا العام ليكشف عن أصالة القضية واستحالة تغييب حضورها عن فكر الشعوب ، الشعوب التي هي محور الإرتكاز في معادلة الصراع ومحل الخطاب الموجه من الإمام الخميني بعد أن ” مسح يديه ” من جدوائية الأنظمة التي لم تلتفت إلى شعوبها ولا جارت تطلعاتهم يوماً .
إن بإمكان الشعوب أن تصنع المستحيل وأن تحقق استقلالها وتؤمن بقاءها إن هي تسلحت بسلاح الوعي وأدركت فعلاً أن بقاءها معزولة ومفصولة عن بعضها لا يمكنه دفع الخطر ؛ فخطر الغدة السرطانية الصهيونية لا ينكفأ في حدود فلسطين ولا يتوقف عند جداره العازل ، ولا مبالغة لوقلنا أن وراء كل مصيبة نزلت بعالمنا الإسلامي ” أيادٍ صهيونية ” وهنا تبرز أهمية دعوى السيدعبد الملك بدر الدين الحوثي إلى كسر العزلة المفروضة على شعوب المنطقة والتواصل المباشر بينها والاستفادة من التجارب الناجحة التي خاضتها قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق كنماذج تغنينا عن البحث عن دروب أخرى لا يُعلم نهايتها ولا تعرف عواقبها ، خصوصاً وأن العامل الزمني يلعب دوراً هاماً في معركة وجودية من هذا النوع ؛ بمعنى أن حجم التضحية المطلوبة لضمان تحقيق النصر يرتبط بعلاقة طردية مع الزمن الذي تتطلبه المعركة ، والاستفادة من خبرات وتجارب قوى المقاومة يكفينا ضريبة اكتساب الخبرات لا سيما ونحن نتحدث عن تجربة أصبحت موضع إعجاب ودهشة الغرب والشرق بما تمتلكه من مقوّمات لا مكان لسردها هُنا .
إن لكل بلد وقطر عربي أعياده ومناسباته الوطنية الخاصة به ، والتي تعزز الشعور لدى أبناء هذه البلدان بالعزلة وانفصاله عن بيئته المحيطة وهويتة العربية والإسلامية وذلك على حساب وهم الوطنية في كل بلد ، ويوم القدس العالمي استطاع القفز على كل هذه الحواجز جاعلاً من قضية فلسطين با عثاً يستنهض جميع أبناء الأمة ويوحدهم ..في اتجاه يبدو مغايراً – إلى حد بعيد – لمسار التجزأة الرهيب الذي تعيشه أمتنا اليوم ، وهنا نعود إلى الخطاب التاريخي للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي من جديد وبالتحديد إلى نقطة جوهرية فاصلة تتلخص بامتلاك الأمة لكل المقوّمات الأساسية ليس فقط لدفع الخطر وإنما لتحقيق النصر ، وهو أمرٌ لا نكاد نؤمن به إذا ما نظرنا إليه من منظور المفاوضين الضعفاء ، لكنه حقيقة لا تنكر ….ومرةً أخرى بدليل تجربة المقاومة وكما قال السيد عبدالملك: عظمة الحق تكمن في أنه ينتصر في مواجهة التحديات الكبيرة .