رأي اليوم تنشر القصة الحقيقة لمرض ” صالح “، ولماذا أنقذته السعودية للمرة الثانية ..؟
يمني برس – صحافة عربية
العلاقات التحالفية، سياسيا واعلاميا وعسكريا، بين قطبي المعادلة اليمنية التي تتصدى لحرب التحالف العربي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية والامارات، أي تيار “انصار الله” الحوثي، وحزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، تعاني الكثير من الشروخ هذه الأيام، وهي شروخ تزداد اتساعا يوما بعد يوم، وتفرز مواجهات على اكثر من جبهة.
الهدنة الإعلامية التي أعلنتها، والتزم بها، الطرفان الشهر الماضي بعد اشتباكات مسلحة جرت اثناء وبعد المهرجان السياسي الكبير الذي نظمه حزب الرئيس صالح في ميدان السبعين، انهارت بالكامل، ومن يتابع وسائط التواصل الاجتماعي وحساباتها يجد ان هناك حربا إعلامية مشتعلة بين الطرفين تتضمن اتهامات بالخيانة والخطف والقتل والفساد.
مساء السبت اعلن اعلاميون وناشطون في حزب المؤتمر الشعبي العام انسحابهم من اتفاق التهدئة الإعلامية مع “انصار الله” التي استمرت اكثر من شهر “ليس خوفا او رضوخا للإجراءات القمعية التي باشرتها الأجهزة الأمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بحق عدد من الصحافيين المحسوبين على المؤتمر، انما استجابة للتوجيهات التنظيمية” حسب ما جاء في بيان هؤلاء.
جاء انهاء الهدنة بعد شكاوى عديدة من قبل حزب المؤتمر للحوثيين بإقتحام وزارة الخارجية التابعة له، ومنع الوزير هشام شرف من الدخول اليها الى جانب عدد كبير من موظفيها، وتكرار الاقتحام نفسه لوزارات أخرى، كما ان نقل رئاسة المجلس السياسي لحزب المؤتمر كما نص الاتفاق ما زالت مؤجلة.
هذه الانقسامات الحادة بين الحوثيين والرئيس صالح ناجمة عن تدهور معدلات الثقة بين الجانبين، علاوة على حدوث تدخلات خارجية تريد تعزيزها، كل حسب مصالحه، سواء في اليمن او في المنطقة، والجزيرة العربية تحديدا.
في 11 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي هبطت طائرة روسية في مطار صنعاء تقل فريقا طبيا روسيا بموافقة المملكة العربية السعودية التي تسيطر على أجواء اليمن، لإجراء عملية جراحية عاجلة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، العملية الجراحية أجريت بنجاح، وظهر التعافي على الرئيس صالح الذي استقبل المهنئين.
الاعلام الرسمي السعودي قال ان السعودية انقذت حياة الرئيس صالح للمرة الثانية، ولكنها لم تقل كيف ولماذا، وهو الذي يعتبر من الد خصوم المملكة، واشرس اعدائها، كيف جرت هذه العملية وأين، ولماذا سمحت السعودية بهبوط هذه الطائرة واختراق الحصار.
هناك روايتان حتى الآن يمكن ان تسلط الأضواء على هذه المسألة:
الأولى: تقول ان روسيا التي قيل ان العملية الجراحية للرئيس السابق أجريت في داخل سفارتها في صنعاء، تريد ان تستعيد مكانتها التي فقدتها في اليمن، بعد وحدة الشطرين عام 1990، وخسارتها لقاعدتها “العند” العسكرية التي اقامتها قرب عدن اثناء دولة اليمن الجنوبي الماركسية، ولذلك بادرت بتحسين علاقاتها مع الرئيس صالح احد حلفائها القدامى أيضا، وطلبت من السعودية عدم اعتراض طائرة فريقها الطبي بعد اخذ الضوء الأخضر من الأمم المتحدة.
الثانية: تؤكد ان المملكة العربية السعودية خففت من عدائها للرئيس صالح، بتوصية إماراتية، وبهدف شق التحالف “الحوثي الصالحي” المعادي لها، وهذا ما يفسر التقارير الاعلامية في الصحف ومحطات التلفزة التي تباهت بإنقاذ حياة الرئيس اليمني السابق للمرة الثانية.
مكتب الرئيس صالح اصدر بيانا اكد فيه انه لا دور اطلاقا للسعودية في العملية الجراحية، التي تبين لاحقا انها جرت في احدى عينيه، ولمعالجة مضاعفات حروق تعرض لها اثناء عملية التفجير التي استهدفته في مسجد النهدين عام 2011، وكرر البيان مواقف حزب المؤتمر في مقاومة العدوان الذي تقوده السعودية في اليمن.
الامر المؤكد ان المملكة العربية السعودية باتت تبحث عن حلول تخرجها من الازمة اليمنية التي طالت لاكثر من عامين ونصف العام، وباتت تشكل نزيفا ماديا وبشريا لها يثقل كاهلها، وتجزم تقارير إخبارية مسربة ان العاهل السعودي طلب من الرئيس فلاديمير بوتين مساعدته في هذا المضمار اثناء زيارته لموسكو مطلع الشهر الحالي، ولا نستبعد ان تبذل جهودا كبيرة، وتستخدم كل الطرق لدق اسفين الخلاف بين الرئيس صالح والتيار الحوثي، وقد مارست هذه اللعبة على الحوثيين وصالح معا من خلال إقامة جسور اتصال معهما، علنية وسرية.
الأخطر من كل هذا ان الإدارة الامريكية التي بدأت التحشيد لحلفائها في الجزيرة العربية لمواجهة “الخطر الإيراني” بعد امتناع الرئيس دونالد ترامب عن التصديق على الاتفاق النووي، أعلنت عن خطة جديدة تشمل زيادة الدعم العسكري للسعودية، ونقل قضية اليمن من قضية “هامشية” الى قضية “مركزية” لمواجهة التهديدات الإيرانية.
التصعيد العسكري الإقليمي والدولي المقبل قد يأخذ مكانه على ارض اليمن، وخريطة التحالفات تقف الآن على أبواب تغييرات استراتيجية، وكل طرف في الحرب بات يجري مراجعات بما يخدم مصالحه، وسيكون الشعب اليمني هو الضحية في كل الحالات، فعندما تتصارع الفيلة يكون العشب هو الضحية، لكننا على ثقة في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان هذا الشعب الأكثر معاناة في العالم بأسره سيتجاوز هذه المحنة، مثلما تجاوز محن سابقة، ويخرج منها منتصرا، فهذه حرب كتبت عليه ولم ويخترها، والشعوب الطيبة الصابرة عزيزة النفس كاظمة للغيظ، لا تختار اقدارها، ولكنها لا تتردد في المقاومة والصمود.
كان الله في عون اليمن في وضعه الحالي المؤلم، وما يمكن ان يواجهه في المستقبل من امتحانات وصعاب، وابرز النصائح التي يمكن ان يقدمها المحبون لهذا الشعب الكريم، وما اكثرهم في المنطقة والعالم، هو المحافظة على وحدتهم، والذهاب الى السلم معا اذا انفتحت طاقة مفاوضاته، مثلما ذهبوا الى الحرب معا.