سوريا …سقـوط مشروع وانطـلاقة آخـر كتب / يحيى الشامي
يمني برس _ مقالات
بعد عامين ونصف العام من الحرب التي يخوضها النظام السوري ضد الجماعات المسلحة التي حظيت وتحظى بأكبر دعم وتأييد من أكبر تحالف دولي تقوده أمريكا وتموله دول عربية وإقليمية ، وبعد أن عجزت تلك الجماعات ومن ورائها ذلك التحالف العالمي بكل طاقاته وقدراته ووسائل إعلامه من تحقيق أي نصر ملموس على أرض سوريا ، وبعد أن اقترب الجيش العربي السوري من تحقيق النصر ودحر أكلة اللحوم وقتلة الأطفال والنساء والأبرياء ، تحرك الغرب بقيادة الشيطان أمريكا لإنقاذهم معلنة الذهاب للحل العسكري وإن لم تحصل على موافقة الكونجرس وإن لم يتحقق لها الغطاء الدولي اللازم لشن هجوم ضد سوريا ، وبالفعل تخترع الذريعة نفسَها تلك التي استخدمتها في العام ألفين وثلاثة حين غزت العراق تحت مسمى ” السلاح الكيماوي ” بنسخةٍ سورية هذه المرة ، لكن هذه المرة لن تسلم الجرّة – كما يُقال في المثل العربي – الوضع يختلف ، واللعبة تغيرت أطرافُها ، والمنطقة تشهد دخول وتبلور مشروع جديد وفتيْ وناجح وجاذب ومن الصعب على الغرب أن يتجاوز هذا المحور وأن لا يعيره اهتمام لأسباب عدّة لو لم يكن منها إلا أن الغرب يُدرك تماماً أن هذا المحور – المقاوم- لم تفرض عليه يوماً حرب أو يدخل في مواجهة إلا وخرج منها منتصراً وأقوى مما كان ؛ هذه مسلّمة يضعها الغرب في الاعتبار ، بل ووضعت الغرب في موقف المتردد المتذبذب الذي وجد نفسه مُجبراً على التريّث وإعادة النظر ألف مرّة في قرار متهوّر من هذا النوع قد تمتلك أمريكا قرار البدء فيه لكنها لن تمتلك قرار إنهاؤه ، فلقد ولّى ذلك الزمن الذي كان الغرب بقيادة أمريكا وحده من يختار الدخول في حرب أو الخروج منها ، ومن هنا نُدرِك معنى أن يفشل رئيس وزراء بريطاني ولأول مرة في تمرير قرار مشاركة بلاده في الحرب على سوريا وأن تعلن ألمانيا أنها لن تُشارك في هكذا حرب ، وأن تنحاز إيطاليا مع فرنسا إلى الحلول السياسية هذا فضلاً عن المواقف الشرقية المعروفة مسبقاً .
يا لها من كارثة نزلت بأمريكا ؛ أرادت حشد التأييد الدولي لشن عدوان ضد سوريا فانكشفت سوءتها أمام العالم ووجدت نفسها وحيدة وعاجزة إذ لم يعُد أحد بوارد الخوف من عصاها الغليظة سوى بعض ميتي الأخلاق وفاقدي الكرامة من أمراء النفط وعربان الخليج وتلك الحكومات العربية التي لم تكتف بالسكوت المخزي إزاء بوادر التحرك الغربي الملوِّح باحتلال سوريا ، بل تغوّلت في دورها الجالب للاستعمار لتنبري هي في دعوة وتحريض الغرب للعدوان على دول عربية واحتلالها
نعم على الغرب أن يُعيد ترتيب أوراقه إن بقي معه أوراق ، فقد أُحرقت بمعظمها وآخرها كانت الورقة الطائفية ، والأوضاع قد تغيرت والاعتبارات تبدّلت وزمام المبادرة صار بأيدي الشعوب الحاضنة للمقاومين والمؤمِنة بالسلاح للدفاع عن الحق وكحق لاستعادة الحق .