اليمن : الولاية الـ 51 .
اليمن : الولاية الـ 51 . || بقلم : عبدالله علي الحسني
* صنعاء عاصمة الولاية :
من مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء حيث ينطلق السفير الأمريكي – حاكم الولاية – ليرسم مسار المستقبل لليمن , يعمل جيرالد فيرستاين ليله مع نهاره في لقاء هذا وذاك يذهب إلى أولئك ويأتي إلى هؤلاء , يرسم لهم مسارات حياتهم بما يتناسب مع مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .
هذا النشاط الأمريكي الذي لا يخفى على أحد , يلمسه الجميع , ظاهراً للعيان يدعو إلى الخجل من أن ندعي أننا نعيش ثورة ونسعى إلى بناء دولة مدنية حديثة ذات سيادة وإستقلال , أمام هذا النشاط الأمريكي , ماذا تكون صنعاء وما هي اليمن ؟!
* أمريكا وعملاؤها – طلقاء اليوم , أدعياء جدد – :
خلال الفترة الماضية من عمر الثورة اليمنية تكشفت الحقائق وسقطت الأقنعة , فعندما كان الثوار يتصدون للغازات السامة والرصاص الحي بمختلف أنواعه وبصدور عارية وصبر وإباء , كانت أطراف أخرى تتحدث عن ثورة وتعمل بأدوات الأزمة السياسية , هذه الاطراف كانت تعمل على إستغلال الدماء وتوظيف الجراح للحصول على مكاسب بإسم الثورة والشعب , أطراف تفتح سوقها لتنال أجرة – عملاتها – فترُضي مطامعها ومكاسبها .
أطراف تمشي في خط ثوري – وللثورة خط واضحة مساراته وبيّنة إشاراته – وأطراف أخرى يوم تزور طريق الثورة وتقف أمامه ولا تدخل فيه لتعاود طريقها وتمشي في خط المصلحة الشخصية – وإن أدعت خِلاف ذلك , فالمصلحة الشخصية واضحةُ معالمها وبينّة صورها – , فلم يستطيعوا أن يكفروا عن أخطائهم السابقة – لأنهم إن ردوا لعادوا لما نهوا عنه – لم يستطيعوا أن يعلنوا ندمهم وتوبتهم في أنهم كانوا جزء في قتل الشعب وإنهاكه والركوب على أكتاف أبناءه , لم يستطيعوا بموقف واحد أن تبين نتائجه صدقهم من أجل الثورة اليمنية .
ذهبوا للخطابات النارية ليستجدوا مبادرات وحلول تأتي من إخوانهم وأصدقائهم – الذين إشتركوا في العمالة والإجرام – ممن يسمونهم مجتمعُ دولي وهم ليسوا إلا أمريكا وعملاؤها .
أتت المبادرات والإتفاقيات ولم تنجح في ضل وجود ثورة حقيقية واعية , عملت هذه الأطراف كل ما يمكنها على الإلتفاف على الثورة وحرف مسارها أو حتى إحتوائها بما يحقق الطموحات الشخصية لها ومصلحة أمريكا , ولم ينجحوا ولن ينجحوا وهم الأخسرين .
كل محاولات الإجهاض التي أطلق خططها سفهاء القوم ( السفير الأمريكي والسعودي ) لهذه الأطراف لم تأتِ بنتيجة ترضي أطراف منقذيها والداعمين لها , لأن الله لا يصلح عمل المفسدين .
* الخداع المزدوج :
سقط القناع وتبينت الحقائق فحدثت الجرائم والمجازر – على مرأى ومسمع من الكل – التي فضحت الموقف الأمريكي الأوروبي الذي يماطل في إسقاط النظام رغم إمتلاكه لوسائل الضغط المتعددة الكفيلة بإسقاطه .
هذا الموقف المفضوح سارع إلى إخفائه هؤلاء الإنهزاميون – كأن لم يكن شيئاً , يخادعون الشعب وأنفسهم – عملوا بالخداع وتراضوا على جرجرة الشباب الثائر في الميدان إلى السيناريو العسكري بهدف إفراغ الساحات من الإعتصامات وتغيير مسار الثورة ” وأنقلبوا خاسرين ” .
بحسن نية أم بسوءها إنخدعوا بموقف وتصرفات الأمريكيين فمارسوا الخداع – مرة أخرى – ضد الشعب اليمني بتصريحات وكلمات لم تكن إلا منافية للممارسات التي يقومون بها .
* الموقف كلمة .. والمصافحة إعتراف :
الشارع الثوري بوعي وبصيرة رفض هذه الممارسات , الشارع الثوري الذي جعل من ثورته السلمية الشعبية الحقيقية أداة لفضح النظام والإدارة الأمريكية التي تقف خلفه وتسّير – المصافحون لها – لخدمته وخدمة توجهاتها الإستعمارية .
عند هذا الفشل – الأمريكي – سعت بكل وسائلها وبخدمة عملائها إلى تغيير شكلي للنظام والظهور بأنها – مخلص ومنجّي – للشعب اليمني من شخص على صالح لتمارس الخداع الشعب اليمني وتحقيق مصالحها فتكسب موقف الكلمة ” الثورية ” .
تغيير شكلي للنظام يحافظ على بقاء أركانه ولا يضر بوجودها لا يحصل إلا عبر بديل سياسي يحمل مقومات عمالة صالح فكانت الكلمة موقف من إنطلق ليستجدي المبادرات ويتقاسم الحكومة ويقدّم الضمانات ويصافح ” السفهاء ” .
لهذا فشلوا وفشلت أمريكا لأن – الشارع الثوري – يعي ويعرف ويسعى إلى إسقاط النظام العميل الذي يعني إسقاط محاولات فرض الوصاية على اليمن من أي طرف كان وإن أدعّى مصلحة الوطن والثورة .
* فزاعة صالح والقاعدة :
لم يستطع اللقاء المشترك ولا القيادات السياسية الأخرى – المصافحه للأمريكيين – الحصول على معلومة حقيقية عن حاله صالح , فعملوا على استجداء الأمريكيين بعد أن تركوهم – ناظرين إلى الحال ’ نظرة الذئب إلى فريسته – لسان حالهم : كمن يتخبطه الشيطان من المس , مفلسين ومهزومين , ليحصلوا على معلومة واضحة – يستغلوها – يستخدموها للحصول على سلطة ومنصب في وضع جديد .
أمام إفلاسهم عملت الإدارة الأمريكية على إبتزازهم واهانتهم حتى أصبحوا عاجزين عن رفض الإملاءات التي تأتي من السفير وأعوانه , ليحققوا حكومة تتناسب مع شروط أمريكا .. فأعلنوا السمع والطاعة .
بهذا أرادت أمريكا بتحركاتها ومحاولاتها أن تقول أنا من يملك الحق في أن أقول لكم – أيها اليمانيون – هذا من يجب أن يلي أمركم , هذا الرئيس , هذا الحكومة , ومن أجل تعزيز ذلك تستخدم أمريكا فزاعتها القاعدية والتهويل المصاحب لها , هي بذلك تكشف عداوتها – الواضحة – للثورة ونواياها للتدخل في اليمن وإحتلاله , وما حديثها الموسع عن خطوة الوضع في اليمن إلا دلالة كبيرة على ذلك .
* الحقيقة الواضحة ” قد أضاء الصبح لذي عينين ” :
زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى صنعاء ولقاءاته بمعية – حاكم اليمن – مع قيادات اللقاء المشترك وشخصيات سياسية يكشف إلى أي مدى الإنهزام الحاصل لدى هذه الأطراف وما كانت الزيارة إلا نتيجة الصفقة السرية مع السفير الأمريكي وقيادات منهم إلى إفراغ ساحة الإعتصام بوسائل مختلفة دون تحقيق مطالب الشعب اليمني التي من أهمها رفع الوصاية الأمريكية والتدخلات السعودية ونيل السيادة الحقيقية وتحقيق الإستقلال في الموقف والقرار لبناء دولة مدنية حديثة .
وأمام هذه الحقيقة وفي خضم هذا المعترك الصعب إما أن يعلن الثوار موقف واضح وحقيقي من كل هذا , الموقف المتبوع بالعمل الواعي , وأن يقفوا الوقفة المسئولة , وأن يتحركوا بإرادة صادقة إلى إنجاح الثورة أو أنهم يتجرعوا مرارة الذل والهوان على مدى الزمن القادمة .
والعاقبة للمتقين..