مؤشرات «انفراجة» في العملية السياسية اليمنية
يمني برس – متابعات
المعطيات من صنعاء تشير إلى أن ثمة تحركا جديا باتجاه استئناف المفاوضات السياسية وإحياء المسار الدبلوماسي سعيا لحل الملف اليمني المعقد؛ فزيارة نائب المبعوث الأممي إلى اليمن بدأت تؤكدا اقتراب جولة مفاوضات لم تظهر ملامحها بعد، غير أن غياب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أسهم فيما يبدو في تحريك ركود المسار السياسي، كما أن ضغط التقدم الميداني للجيش واللجان الشعبية أمام قوات التحالف والموالين لها، أنتج ضغطا دوليا باتجاه العودة إلى الطاولة.
الرئيس الصماد يشن هجوما على الأمم المتحدة
وكان صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى، التقى أمس، نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، معين شريم والوفد المرافق له، واعتبر أن زيارة الوفد مبادرة طيبة لمعرفة ما يجري في اليمن من معاناة إنسانية لم تحصل في التاريخ.
رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي هاجم الأمم المتحدة ودورها ومبعوثها بشكل غير مسبوق أمام ممثلها معين شريم، عبر بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية سبأ، عن أمله في أن تمثل الزيارة بداية انفراجة للعملية السياسية، قائلا “نحن جاهزون بمنتهى التفاهمات والحرص على السلام ونمد أيدينا للسلام وما بعد هذه الزيارة ليس كما قبلها“.
كما لفت الرئيس الصماد إلى تناقضات كثيرة في المواقف الدولية تجاه اليمن، أسقطت الأقنعة، وأضاف في لهجة وصفت بالصارمة “الموقف الذي سمعتموه منا في جنيف هو الموقف الذي سمعتموه في الكويت ومسقط وهو الموقف الذي ستسمعونه اليوم، وكذا الموقف الذي ستسمعونه منا بعد ألف عام من اليوم حتى لو حوصرنا ولو لم يبق معنا سواء مربع واحد أو مديرية واحدة في الجمهورية لأننا نمتلك مشروع وقضية واحدة وهو نفس الموقف الذي سمعتموه منا ونحن في عدن وحضرموت وجميع أرجاء الوطن”.
الصماد الذي تحدث عن ثبات موقفه من السلام العادل والشامل والشراكة مع جميع الأطراف، أبدى استغرابه من “الصمت الغريب للمبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمام تصعيد العدوان وقتل المدنيين”، مجددا التأكيد على فقدان الثقة بمصداقية الأمم المتحدة ودورها في الملف اليمني.
وبذات اللهجة الصريحة، وضع رئيس المجلس السياسي، نائب المبعوث الأممي أمام خطوط عريضة للقبول بالمفاوضات، قائلا “أي خطط جزئية كما هو مطروح في موضوع الحديدة ضياع للحلول والوقت”، مطالبا بإثبات حسن النوايا برفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي وإيقاف الضربات الجوية وطلعات الطيران، وأضاف “نحن الآن نتوقع بعد زيارتكم هذه وإن كانت ليست بمستوى كل مرة لأنه اختلف الوضع، نتوقع تصعيدا كبير جداً سيتلو هذه الزيارة وغيرها من الزيارات”، مؤكدا أن ولد الشيخ، كان يأتي كل مرة لليمن، فقط ليستغل الزيارة في تقديم إحاطته إلى مجلس الأمن.
من جهته، عبر نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، عن سعادته بالزيارة، كجزء من التفويض الأممي، مؤكدا أنه لا يوجد حل للأزمة اليمنية سوى الحل السياسي، وأضاف “ما يهمنا أن نسمع منكم مباشرة لا كما يقولوا عنكم، وأن الحل يجب أن يكون توافقي متوازن وعلى الشراكة“.
كما تطرق شريم إلى موضوع الحديدة وآلية المراقبة والحركة الملاحية، قائلا “نحن معنيون بأن يبقى الميناء مفتوحا لأنه مهم للإغاثة الإنسانية، ونحن نعمل بشفافية”، متسائلا عن دور الأمم المتحدة في مشكلة الرواتب، لافتا إلى عزمه التحرك في حال حدث إعلان سياسي من جانب صنعاء باتجاه التفاهمات.
مؤشرات عن ترتيبات للمفاوضات
وفي حين لا تزال نتائج زيارة معين شريم إلى العاصمة صنعاء غير واضحة، ظهرت أشارات إلى اقتراب عقد جولة مفاوضات جديدة ترعاها الأمم المتحدة عبر مبعوثها المعين حديثا كنائب لولد الشيخ، الذي ترجح مصادر سياسية أنه في حكم المعفي عن دور الوسيط وبقائه الشكلي، إنما يأتي تلبية لطلب سعودي، فيما يمارس مهامه نائبه معين شريم.
وفي إشارة مقتضبة إلى قرب الجولة التفاوضية، تحدث عضو الوفد المفاوض (فريق صنعاء) المهندس حمزة الحوثي، عن تشكيل فريق مفاوضات موحد وبرئاسة واحدة هذه المرة.
الحوثي في تغريدات له على تويتر، أكد “الوفدَ المفاوضَ القادمَ سيكونُ وفداً واحداً برئيس واحد يمثل الشعبَ وقيادتَه الواحدةَ وليس الأحزاب، وإنما ستشكله القيادة السياسية من كافة القوى والأحزاب الموقعة على اتفاق السلم والشراكة المناهض منها للعدوان المشاركة في الدولة، ولقيادة البلد“.
تصريح حمزة الحوثي الذي يأتي بالتزامن مع زيارة نائب المبعوث الأممي إلى صنعاء، يفهم منه أن ثمة ترتيبات لانطلاق وفد مفاوض إلى طاولة جديدة، وجزم عضو مفاوضات الكويت حمزة الحوثي، بأن ثمة وفد مفاوض قادم في قوله “أنه ليس للأحزاب الحقُّ في تغيير من ترى من أعضاء وفد المفاوض القادم أنى تشاء”.
حكومة صنعاء تستقبل شريم
من جهتها، لعبت حكومة صنعاء دور الطرف المعني بالتفاوض؛ عبر احتكار اللقاءات مع نائب المبعوث الأممي معين شريم، ممثلة للأطراف السياسية في بحث إمكانية عودة مفاوضات الحل السياسي، فيما يبدو أنه رسالة مفادها أن التفاوض سيكون حكومة مقابل حكومة.
وكان رئيس حكومة صنعاء عبد العزيز بن حبتور، استقبل أول أمس، نائب المبعوث الأممي معين شريم، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومته، وبحسب وكالة الأنباء اليمنية سبأ، فقد ناقش اللقاء “معطيات السلام وافق الحل السلمي لوقف معاناة الشعب اليمني”.
خلال اللقاء، جرى طرح مسألة “إعادة النظر في القرار 2216 الذي جافى معطيات الواقع، وكان ولا زال عائقا كبيرا أمام أية جهود جدية تسعى إلى صنع السلام”، وهو موضوع يطرح رسميا لأول مرة من حكومة صنعاء في سياق كهذا.
رئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور، طالب الأمم المتحدة، بأن تكون المفاوضات بين اليمن ودول التحالف، معتبرا أن حكومة هادي باتت فاقدة للشرعية ولم تعد تمتلك قرارها، ونقلت وكالة سبأ، عن بن حبتور أن “استئناف العملية السياسية ينبغي أن تكون مع المعتدين أنفسهم الذين يقصفون اليمن ويقتلون الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ لأن قرار العدوان على اليمن سعودي بامتياز وأن حكومة الفنادق لا تملك أية فرصة أو صلاحية لتحقيق السلام المنشود”، حسب قوله.
وفي الوقت الذي أعرب رئيس حكومة صنعاء عن حرص القيادة السياسية على السلام من أجل وقف المأساة، كشف نائب المبعوث الأممي معين شريم، عن الغرض من زيارته الحالية، ونقلت وكالة سبأ عن شريم التأكيدات أن “الوفد في زيارته الحالية جاء وهو يحمل رسالة السلام المعبرة عن نهج الأمم المتحدة المعنية بإشاعة أجواء السلم والسلام حول العالم”، وأن مهمة الوفد التي يرأسه هو تسهيل عودة عملية السلام وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، منوها إلى أن ثمة رغبة حقيقية لدى الأطراف الدولية في إيجاد حل سياسي للملف اليمني، وأن فرص الحل السلمي لازالت سانحة.
وقال شريم خلال لقائه برئيس حكومة صنعاء “نحن في الأمم المتحدة نؤمن بالحل السياسي الشامل وليس لدينا أية نية لفرض أية رؤية أو أفكار على أحد، وننظر إلى أن الإسراع بالحل السلمي من شأنه تلافي المزيد من الآلام والضحايا والتردي الإنساني”.
كما تناول اللقاء “المهمة لإنسانية الكبيرة لميناء الحديدة وأهمية استمراره في أداء وظيفته التي تخدم أكثر من 81% من سكان الجمهورية اليمنية، واستقرار نشاطه في استقبال المواد الغذائية والإنسانية والدور الأممي الهام لضمان ذلك بما يخفف من حدة الأزمة الإنسانية الحادة التي صنعها ولا زال العدوان والحصار“.
دفاعات الجيش واللجان تسقط طائرة وتصيب أخرى
ويرى مراقبون أن التحرك الأممي باتجاه الحل السياسي، يأتي تحت ضغط خسائر متتالية وتراجع ميداني للتحالف وحلفائه على الصعيد العسكري، وبحسب مصادر عسكرية، حققت قوات الجيش واللجان الشعبية إنجازات ميدانية متتالية خلال الأيام الماضية في مختلف الجبهات؛ أبرزها جبهة الجوف وجبهة تعز ونهم.
في غضون ذلك، تمكنت الدفاعات الجوية من توجيه ضربتين متتاليتين لطيران تحالف العدوان السعودي على اليمن خلال 24 ساعة، حيث أعلنت قوات الدفاع الجوي عن إصابة طائرة إف 15 تابعة للتحالف أثناء تحليقها في أجواء العاصمة صنعاء صباح أمس الاثنين.
وفيما لم يضف المصدر أي تفاصيل حول مصير الطائرة، كانت الدفاعات الجوية أول أمس الأحد، نجحت في إسقاط طائرة حربية طراز تونيدو أثناء تحليقها فوق أجواء محافظة صعدة شمال اليمن.
وأكد مصدر عسكري أن الدفاعات الجوية التابعة للجيش واللجان الشعبة تمكنت من إسقاط طائرة حربية تابعة لتحالف العدوان السعودي في أجواء محافظة صعدة، مشيرا إلى أن استهدافها تم بسلاح مناسب أصابها بشكل مباشر، ولم يفصح المصدر عن نوع السلاح، مكتفيا بالإشارة إلى أن الطائرة الحربية التي تم إسقاطها من طراز تورنيدو بريطانية الصنع.
وفي الوقت الذي اعترف إعلام تحالف العدوان السعودي بسقوط طائرة حربية تابعة له، معللا ذلك بخلل فني، أكد قائد القوات الجوية والدفاع الجوي التابع لقوات صنعاء، اللواء الركن طيار إبراهيم الشامي، أن جهود تطوير الدفاعات الجوية اليمنية أثمرت، وآخرها إسقاط طائرة الـ”تورنيدو” التابعة لتحالف العدوان، وحذر الشامي في تصريح متلفز مساء الأحد، من استهانة التحالف بقدرات الدفاعات الجوية اليمنية، متوعدا بأن المعادلة ستتغير في الأيام المقبلة، بحسب تعبيره.