شعب التضحيات وقوافل العظماء
يمني برس / مقالات / زيد البعوة
قوافلُ من الشهداء العظام يزُفُّهم أبناءُ الشعب اليمني العظيم كُلَّ يوم على مدى ثلاث سنوات في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي من مختلف المحافظات والمناطق اليمنية، في صورة فريده قَلَّ نظيرُها تجسّد معنى قول الله تعالى (مِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ)، فكلما سقط شهيدٌ يثمر دمه الطاهر المئات من المجاهدين الذين نذروا أنفسهم في سبيل الله يرفدون الجبهاتِ بالمقاتلين لا يخافون إلّا الله ويخافون من التقصير في مواجهة العدو..
لله وفي سبيله وابتغاء مرضاته ومن أجل الدفاع عن المستضعفين من عباده ومن أجل أن لا يسيطر الطواغيت على الوطن ويفسدوا فيه ويستعبدوا أهله يقدم الشعب اليمني العظيم آلاف الشهداء والجرحى وينفقون أموالَهم ويقدمون التضحيات لم يرغمهم أحدٌ على ذلك لا بالترغيب ولا بالترهيب إلّا لأنهم يتمتعون بثقافة القرآن الكريم ثقافة العطاء والشهادة وثقافة الجهاد والعزة والكرامة والحرية والاستقلال..
كان الشعب اليمني العظيم المؤمنُ بالله وبقوله تعالى (ويتخذ منكم شهداء) يتمنى في التسعينيات وما قبلُ أن يخوض معركة مع الباطل ويقدم فيها الشهداء في سبيل الله والمستضعفين من عباده، لكنه كان يفتقرُ للقيادة الربانية وللمنهج القرآني وثقافة الجهاد والاستشهاد وفي عام 2000 انطلقت المسيرة القرآنية من جبل مران غرب محافظة صعده بقيادة السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي قال: نحن لم نأتِ بجديد وإنما نشكو من الجديد.. وقال: ما نعمله إنما هو استجابة لله وللقرآن الذي يقول لنا يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله، ونسلك نفس الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله علية وآله وأهل البيت عليهم السلام طريق الجهاد والاستشهاد، وجد الناس ضالتهم وتحَـرّك الكثير في توعية المجتمع بالثقافة القرآنية والصرخة في وجوه المستكبرين واتخاذ موقف من أعداء الإسلام من اليهود والنصارى الذين أدركوا خطورة هذه المسيرة عليهم، فقرروا أن يقفوا في وجهها من البداية وأن يحدوا من ظهورها وانتشارها فسجنوا الشبابَ وحاربوا الشعار وحذّروا من المسيرة وقائدها فلم يُجدِ ذلك، فقرروا شن حرب عسكرية في صيف عام 2004 على منطقة مران والشهيد القائد ومن معه من الناس المؤمنين فسقط ما يقارب الـ 500 شهيد على رأسهم الشهيد القائد المؤسس لحركة أنصار الله السيد حسين بدر الدين الحوثي والسيد المجاهد العالم الشهيد زيد علي مصلح وكثير من الشهداء الأبرار من الشباب والمسنين والعلماء والوجاهات ومن هناء بدأت مسيرة عطاء الشهادة..
لم تنتهِ المسيرةُ القرآنية بل استأنفت مشوارها الجهادي تحت قيادة السيد بدر الدين الحوثي رحمة الله تغشاه في الحرب الثانية وبعد ذلك بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، واستمرت ثقافة القرآن تشق طريقها إلى قلوب الناس وإلى مختلف المجتمعات اليمنية حتى استطاعت أن تحدث تغييراً كبيراً من واقع سيء إلى واقع تسيطرُ عليه العزة والكرامة فأثّر ذلك بشكل كبير على أعداء الله والإسلام، فلم يتوقفوا عن محاربة هذه المسيرة حتى هذا اليوم الذي تشنُّ في قوى الطغيان والاستكبار العالمية عدواناً ظالماً على الشعب اليمني المجاهد الصابر العظيم..
لا يكاد يمر يوم إلّا والشعب اليمني يقدم التضحيات والشهداء في سبيل الله وفي مواجهة الطواغيت والظالمين من مختلف المحافظات والقبائل والمناطق اليمنية من خيرة الرجال والشباب وهذا شرف كبير للشعب اليمني المجاهد الصامد الذي فضل الشهادة في سبيل الله وفضل التضحيات والمعاناة على أن لا يقهره أحد أَوْ يستعبده أحد غير الله سبحانه وتعالى، خصوصاً في هذا الزمان الذي يسعى فيه اليهودُ والنصارى إلى استحكام قبضتهم على هذه الأمة بمساعده ودعم وتأييد من أنظمة عربية وإسلامية، كما هو حاصلٌ بالنسبة للعدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني والذي امتد لثلاثة أعوام ولا يزال مستمراً..
ولأن الطواغيت مصرون على مواصلة عدوانهم وارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب اليمني قطع اليمنيين على أنفسهم عهداً أنْ لا يرى منهم العدو ذلة أَوْ موقف ضعيفاً مهما كلّف الثمن ومهما بلغ عدد الشهداء، فقوافلُ العطاء والتضحيات مستمرةٌ حتى يأتيَ وعدُ الله بالنصر لعباده المؤمنين وكما قال الله تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).